وأيسر نقص لنغص النعم على الإنسان وتمنى أن ينفق الدنيا لو كانت في ملكه حتى يزول عنه ذلك الخلل، فهو سبحانه يدبر بدن هذا الإنسان على الوجه الملائم له، مع أن الإنسان لا علم له بوجود ذلك، فكيف يطيق حصر نعم الله عليه أو يقدر على إحصائها أو يتمكن من شكر أدناها.
يا ربنا هذه نواصينا بيدك خاضعة لعظم نعمك معترفة بالعجز عن تأدية الشكر لشيء منها لا تحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، ولا نطيق التعبير بالشكر لك، فتجاوز عنا واغفر لنا واسبل ذيول سترك على عوراتنا فإنك إن لا تفعل ذلك نهلك بمجرد التقصير في شكر نعمك فكيف بما قد فرط منا من التساهل في الائتمار بأوامرك والانتهاء عن مناهيك، وما أحسن ما قال من قال:
العفو يرجى من بني آدم ... فكيف لا يرجى من الرب
وما أحسن ما ختم به هذا الامتنان الذي لا يلتبس على إنسان مشيراً إلى عظيم غفرانه وسعة رحمته فقال (إن الله لغفور رحيم) أي كثير المغفرة والرحمة لا يؤاخذكم بالغفلة عن شكر نعمه والقصور عن إحصائها والعجز عن القيام بأدناها. ومن رحمته إدامتها عليكم وإدرارها في كل لحظة وعند كل نفس تتنفسونه وحركة تتحركون بها اللهم إني أشكرك عدد ما شكرك وسيشكرك الشاكرون بكل لسان في كل زمان، فلقد خصصتني بنعم لم أرها على كثير من خلقك من إنسان وحيوان وإن رأيت منها شيئاً على بعض خلقك لم أر عليه بقيتها فإني أطيق شكرك وكيف أستطيع تأدية أدنى شكر أدناها فكيف أستطيع أعلاها، فكيف أستطيع شكر نوع من أنواعها.
ثم بين لعباده أنه عالم بجميع ما يصدر منهم لا يخفى عليه خافية فقال