للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وألهمها أيضًا أن جعلوا على باب كل خلية بواباً لا يمكن غير أهلها من الدخول إليها؛ وألهمها أيضًا أنها تخرج من بيوتها فتدور وترعى ثم ترجع إلى بيوتها ولا تضل عنها، ولما امتاز هذا الحيوان الضعيف بهذه الخواص العجيبة الدالة على مزيد الذكاء والفطنة دل ذلك على الإلهام الإلهي.

ومن في من الجبال (و) كذا في (من الشجر و) كذا في (مما يعرشون) للتبعيض، أي مساكن توافقها وتليق بها في كوى الجبال وتجويف الشجر وفي العروش التي يعرشها بنو آدم من الأجباح (١) والحيطان وغيرها، وأكثر ما يستعمل فيما يكون من الخشب، يقال عرش يعرش بكسر الراء وضمها وهما سبعيتان وبابه نصر وضرب كما في المختار.

والظاهر أن من في (مما) بمعنى في إذ لا معنى لكونها تبنى من بناء الناس بل الظاهر أنها تبنى في بنائهم ويكون المراد من بنائهم الكوارة ومن بنائها بيتها الذي تمج فيه العسل، فإن من المشاهد أنها تبني لها بيتاً داخل الخلية من الشمع ثم تمج فيه العسل شيئاً فشيئاً.

والظاهر أن (من) في الموضعين الأولين بمعنى في أيضًا كما صرح به الشهاب ويكون المراد ببيوتها ما تبنيه من الشمع كما تقدم، فالشمع تارة تبنيه في الجبال وتارة في الأشجار، وهذا في النحل الوحشيّ، وتارة تبنيه في الخلايا، وهذا في النحل الأهلي فإن النحل قسمان كما ذكره الخازن.


(١) الجبح ويثلث خلية العسل الجمع أجبح وأجباح. أهـ قاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>