وقد اختلف أهل العلم هل هذا الشفاء الذي جعله الله في العسل عام لكل داء أو خاص ببعض الأمراض، فقالت طائفة هو على العموم في كل حال ولكل أحد؛ وقالت طائفة إن ذلك خاص ببعض الأمراض ولا يقتضي العموم في كل علة وفي كل إنسان، وليس هذا بأول لفظ خصص، فالقرآن مملوء منه، ولغة العرب يأتي فيها العام كثيراً بمعنى الخاص، والخاص بمعنى العام.
ومما يدل على هذا أن العسل نكرة في سياق الإثبات فلا يكون عاماً باتفاق أهل اللسان ومحققي أهل الأصول، وتنكيره إن أريد به التعظيم لا يدل إلا على أن فيه شفاء عظيماً لمرض أو أمراض لا لكل مرض، فإن تنكير التعظيم لا يفيد العموم.
والظاهر المستفاد من التجربة ومن قوانين علم الطب أنه إذا استعمل مفرداً كان دواء لأمراض خاصة، وأن خلط مع غيره كالمعاجين ونحوها كان مع ما خلط به دواء لكثير من الأمراض.
قلت وحديث البخاري أن أخي استطلق بطنه الحديث أوضح دليل على ما ذهبت إليه طائفة من تعميم الشفاء، لأن قوله صلى الله عليه وسلم صدق الله أي أنه شفاء، فلو كان لبعض دون بعض لم يكرر الأمر بالسقيا.
وقد اعترض على هذا الحديث بعض الملحدين ومن في قلبه مرض بكونه خلاف ما أجمع عليه الأطباء من أن العسل مسهل فكيف يوصف لمن به الإسهال وأجاب عنه الخازن على الطريق الجاري على صناعة الطب وأورده الشيخ سليمان الجمل ثم قال: ولسنا نقصد الاستظهار لتصديق الحديث بقول الأطباء بل لو كذبوه لكذبناهم وكفرناهم بذلك انتهى.
وعن ابن عمر أنه كان لا يشكو قرحة ولا شيئاً إلا جعل عليه عسلا حتى الدمل إذا خرج طلى عليه العسل، وعن أبي وجرة أنه كان يكتحل