وثالثها: سن الكهولة وهو من الأربعين إلى الستين وهذه المرتبة تسرع الإنسان إلى النقص لكنه يكون النقص خفياً لا يظهر.
ورابعها: سن الشيخوخة والانحطاط من الستين إلى آخر العمر وفيها يتبين النقص ويكون الهرم والخرف.
قال على أرذل العمر خمس وسبعون سنة وقيل ثمانون وقيل تسعون سنة قاله قتادة ومثل هذه الآية قوله تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين) وعن السدي قال: هو الخرف، وعن عكرمة قال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر؛ وعن طاووس العالم: لا يخرف وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح وغيره أنه كان يتعوذ بالله أن يرد إلى أرذل العمر (١).
ثم علّل سبحانه رد من يرده إلى أرذل العمر بقوله (لكيلا) اللام لام التعليل وكي حرف مصدر ونصب ولا نافية، وقيل اللام هنا للصيرورة والعاقبة (يعلم بعد علم) كان حصل له (شيئاً) منه لا كثيراً ولا قليلاً أو شيئاً من المعلومات إذا كان العلم هنا بمعنى المعلوم، وقيل المراد بالعلم هنا العقل؛ وقيل المراد لئلا يعلم زيادة على علمه الذي قد حصل له قبل ذلك، وقيل لكي يصير كالصبي الذي لا عقل له.
وقال الزجاج: المعنى وإن منكم من يكبر حتى يذهب عقله خرفاً فيصير بعد أن كان عالماً جاهلاً ليريكم الله من قدرته أنه كما قدر على إماتته وإحيائه قادر على نقله من العلم إلى الجهل وأنه قادر على إحيائه بعد إماتته فيكون ذلك دليلاً على صحة البعث بعد الموت.
(إن الله عليم) بحكم التحويل إلى الأرذل من الأكمل أو إلى الإفناء من الإحياء (قدير) على تبديل ما يشاء من الأشياء وعلى ما يريد.