التساوي مترتب على التَّرادّ أي لا يردونه عليهم رداً مستتبعاً للتساوي، وإنما يردون عليهم منه شيئاً يسيراً.
وهذا مثل ضربه الله سبحانه لعبدة الأصنام كما تقدم والمعنى إذا لم يكونوا عبيدكم معكم سواء ولا ترضون بذلك فكيف تجعلون عبيدي معي سواء، والحال إن عبيدكم مساوون لكم في البشرية والمخلوقية فلما لم تجعلوا عبيدكم مشاركين لكم في أموالكم فكيف تجعلون بعض عباد الله سبحانه شركاء له فتعبدونهم معه أو كيف تجعلون بعض مخلوقاته كالأصنام شركاء له في العبادة ذكر معنى هذا ابن جرير.
ومثل هذه الآية قوله سبحانه (ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما زرقناكم) وفي هذه الجملة أوجه (أحدها) تقديره أفهم فيه سواء ومعناه النفي أي ليسوا مستوين فيه (والثاني) أنها إخبار بالتساوي أي إنما هو رزقي أجريته على أيديهم فهم فيه سواء: قال أبو البقاء: إنها واقعة موقع فعل تقديره يستووا، وقيل أن الفاء في " فهم " بمعنى حتى.
(أفبنعمة الله يجحدون) حيث يفعلون ما يفعلون من الشرك. والنعمة هي كونه سبحانه جعل المالكين مفضلين على المماليك وقراءة الغيبة أولى لقرب المخبر عنه، ولأنه لو كان خطاباً لكان ظاهره للمسلمين والاستفهام للإنكار والتوبيخ والتقريع والفاء للعطف على مقدر أي أيشركون به فيجحدون نعمته.
ويكون المعنى على قراءة الخطاب أن المالكين ليسوا برادّي رزقهم على مماليكهم بل أنا الذي أرزقهم وإياهم فلا تظنوا أنهم يعطونهم شيئاً وإنما هو رزقي أجريه على أيديهم جميعاً وهم في ذلك سواء لا مزية لهم على مماليكهم، فيكون المعطوف عليه المقدر فعلا يناسب هذا المعنى كأن يقال ألا تفهمون ذلك فتجحدون نعمة الله.