وكل هذه الأقوال متقاربة لأن اللفظ يحتمل الكل بحسب المعنى المشترك؛ ورجح كثير من العلماء أنهم أولاد الأولاد لأنه سبحانه امتن على عباده بأن جعل لهم من الأزواج بنين وحفدة فالحفدة في الظاهر معطوفون على البنين وإن كان يجوز أن يكون المعنى جعل لكم من أزواجكم بنين وجعل لكم حفدة ولكن لا يمتنع على هذا المعنى الظاهر أن يراد بالبنين من لا يخدم وبالحفدة من يخدم الأب منهم أو يراد بالحفدة البنات فقط، ولا يفيد أنهم أولاد الأولاد إلا إذا كان تقدير الآية وجعل لكم من أزواجكم بنين ومن البنين حفدة.
(ورزقكم من الطيبات) التي تستطيبونها وتستلذونها من أنواع الأثمار والحبوب والحيوان والأشربة المستطابة الحلال من ذلك كله، ومن للتبعيض لأن الطيبات لا تكون مجتمعة إلا في الجنة والمرزوق في الدنيا أنموذج منها.
ثم ختم سبحانه الآية بقوله:(أفبالباطل يؤمنون) الاستفهام للإنكار التوبيخي والفاء للعطف على مقدر أي أيكفرون بالله فيؤمنون بالباطل، وفي تقديم بالباطل على الفعل دلالة على أنه ليس لهم إيمان إلا به والباطل هو اعتقادهم في أصنامهم أنها تضر وتنفع، وقيل هو ما زين لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة ونحوهما.
(وبنعمة الله) أي ما أنعم به عليهم مما لا يحيط به حصر (هم يكفرون) بإضافتها إلى غيره، وفي تقديم النعمة وتوسيط ضمير الفصل دليل على أن كفرهم مختص بذلك لا يتجاوزه لقصد المبالغة والتأكيد، وعن ابن جريج الباطل هو الشيطان ونعمة الله هو محمد صلى الله عليه وسلم.