والنقصان الكامل (وهو كل) أي ثقيل (على مولاه) أي على وليه وقرابته وعيال على من يلي أمره ويعوله ووبال على إخوانه، وقد يسمى اليتيم كَلاًّ لثقله على من يكفله، وفي هذا بيان لعدم قدرته على إقامة مصالح نفسه بعد ذكر عدم قدرته على شيء مطلقاً.
ثم وصفه بصفة رابعة فقال (أينما يوجهه) أي يرسله ويصرفه في طلب الحاجة أو كفاية المهم (لا يأت بخير) قط لأنه عاجز أخرس لا يفهم ولا يعقل ما يقال له ولا يمكنه أن يقول (هل يستوي هو) في نفسه مع هذه الأوصاف التي اتصف بها.
(ومن يأمر) الناس (بالعدل) مع كونه في نفسه ينطق بما يريد النطق به ويفهم ويقدر على التصرف في الأشياء وهو سليم الحواس نفاع ذو كفاية ورشد وديانة (وهو) في نفسه (على صراط مستقيم) أي على دين قويم وسيرة صالحة ليس فيه ميل إلى أحد جانبي الإفراط والتفريط.
وإنما قابل الأوصاف الأول بهذين الوصفين المذكورين للآخر لأن حاصل أوصاف الأول عدم استحقاقه لشيء، وحاصل وصفي هذا أنه مستحق أكمل استحقاق، والمقصود الاستدلال بعدم تساوي هذين الأمرين على امتناع التساوي بينه سبحانه وبين ما يجعلونه شريكاً له، قال ابن عباس: يعني بالأبكم الكافر وبالآمر بالعدل المؤمن.
وهذا المثل في الأعمال، وعلى هذا تكون الآية على العموم في كل مؤمن وكافر، وقيل هي على الخصوص، والذي يأمر بالعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم والأبكم هو أبو جهل وقيل الأبكم أبي بن خلف والآمر بالعدل حمزة وعثمان بن مظعون.
وقال ابن عباس: هذه الآية نزلت في عثمان بن عفان ومولى له كافر، وهو أسيد بن أبي العيص كان يكره الإسلام وكان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المؤونة وكان الآخر ينهاه عن الصدقة والمعروف فنزلت فيهما.