للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فلا جناح) أي فلا إثم (عليه أن يطوف) أي يدور (بهما) ويسعى بينهما والجناح أصله الجنوح وهو الميل، ومنه الجوانح لاعوجاجها، ورفع الجناح يدل على عدم الوجوب، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري، وحكى الزمخشري في الكشاف عن أبي حنيفة أنه يقول: هو واجب وليس بركن، وعلى تاركه دم وقد ذهب إلى عدم الوجوب ابن عباس وابن الزبير وأنس بن مالك وابن سيرين، وعن أحمد أنه سنة، وأجمعوا على أنه مشروع فيهما، وإنما الخلاف في وجوبه.

ومما يقوي دلالة هذه الآية على عدم الوجوب قوله تعالى في آخر الآية (ومن تطوع خيراً) أي زاد على ما فرض عليه من حج أو عمرة أو طواف أو تطوع بالسعي أو فعل طاعة فرضاً كان أو نفلاً (فإن الله شاكر عليم) مثيب على الطاعة لا يخفى عليه، وذهب الجمهور إلى أن السعي واجب ونسك من جملة المناسك وهو قول ابن عمر وجابر وعائشة، وبه قال الحسن، وإليه ذهب الشافعي ومالك، واستدلوا بما أخرجه الشيخان وغيرهما عن عائشة أن عروة قال لها أرأيت قول الله (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الآية فما أرى على أحد جناحاً أن لا يطوف بهما، فقالت عائشة بئسما قلت يا ابن أختي إنها لو كانت على ما أولتها كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ولكنها إنما أنزلت لأن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة، لطاغية كانوا يعبدونها، وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة في الجاهلية فأنزل الله إن الصفا والمروة الآية، قالت عائشة ثم قد بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بهما فليس لأحد أن يدع الطواف بهما.

وأخرج مسلم وغيره عنها أنها قالت لعمري ما أتم الله حج من لم يسع بين الصفا والمروة ولا عمرته، لأن الله قال (إن الصفا والمروة من شعائر الله) وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا، وأخرج أحمد في مسنده والشافعي وابن سعد وابن

<<  <  ج: ص:  >  >>