يفيد شموله لجميع الكتب، وقيل المراد به التوراة، واللعن: الإبعاد والطرد، والمراد بقوله (اللاعنون) الملائكة والمؤمنون قاله الزجاج وغيره ورجحه ابن عطية، وقيل كل من يتأتى منه اللعن، فيدخل في ذلك الجن والإنس، وقال ابن عباس: جميع الخلائق إلا الجن والإنس، وقيل هم الإنس والجن، وقيل ما تلاعن اثنان من المسلمين إلا رجعت إلى اليهود والنصارى الذين كتموا صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأحكام التوراة والإنجيل، وقيل هم الحشرات والبهائم.
ويؤيد ذلك ما أخرجه ابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء ابن عازب قال: كنا في جنازة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:" إن الكافر يضرب ضربة بين عينيه فتسمعه كل دابة غير الثقلين فتلعنه كل دابة سمعت صوته " فذلك قول الله تعالى: (ويلعنهم اللاعنون) يعني دواب الأرض، وعن مجاهد إذا أجدبت البهائم دعت على فجار بني آدم، وعنه أن دواب الأرض والعقارب والخنافس يقولون إنما منعنا القطر بذنوبهم فيلعنونهم، وعن أبي جعفر يلعنهم كل شيء حتى الخنفساء.
وقد وردت أحاديث كثيرة في النهي عن كتم العلم والوعيد لفاعله.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: لولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئاً أبداً (إن الذين يكتمون) الآية، وقوله (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) إلى آخرها.
وهل إظهار علوم الدين فرض كفاية أو فرض عين، فيه خلاف، والأصح أنه إذا أظهرها البعض بحيث يتمكن كل واحد من الوصول إليه لم يبق مكتوماً، وقيل متى سئل العالم عن شيء يعلمه من أمر الدين يجب عليه إظهاره وإلا فلا، وفي الآية دليل على وجوب قبول قول الواحد لأنه لا يجب عليه البيان إلا وقد وجب قبول قوله.