متصلة بقوله (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) والتقدير فإذا أخذت في قراءته فاستعذ بالله.
قال الزجاج وغيره من أئمة اللغة: معناه إذا أردت أن تقرأ القرآن فاستعذ، وهذا على مذهب الأكثرين من الفقهاء والمحدثين من أن الاستعاذة تطلب قبل القراءة، وليس معناه استعذ بعد أن تقرأ القرآن، ومثله إذا أكلت فقل بسم الله.
قال الواحدي: وهذا إجماع الفقهاء أن الاستعاذة قبل القراءة إلا ما روي عن أبي هريرة وابن سيرين ومالك وحمزة من القراء فإنهم قالوا: الاستعاذة بعد القراءة ذهبوا إلى ظاهر الآية، وإليه ذهب جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة وداود الظاهري.
وأما مذهب الأكثرين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة وفقهاء الأمصار أنها قبل القراءة كما تقدم، ومعنى فاستعذ بالله اسأله سبحانه أن يعيذك (من الشيطان الرجيم) أي من وساوسه لئلا يوسوسك في القراءة وفيه دليل على أن المصلي يستعيذ في كل ركعة لأن الحكم المترتب على شرط يتكرر بتكرره قياساً، وتعقيبه لذكر العمل الصالح والوعد عليه إيذان بأن الاستعاذة عند القراءة من هذا القبيل.
وتخصيص قراءة القرآن من بين الأعمال الصالحة بالاستعاذة عند إرادتها للتنبيه على أنها لسائر الأعمال الصالحة عند إرادتها أهم لأنه إذا وقع الأمر بها عند قراءة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كانت عند إرادة غيره أولى كذا قيل وتوجيه الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للإشعار بأن غيره أولى منه بفعل الاستعاذة لأنه صلى الله عليه وآله وسلم إذا أمر بها لدفع وساوس الشيطان مع عصمته، فكيف بسائر أمته، قال السيوطي في الآية، أي قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم انتهى.
وهذا بيان للأفضل وإلا فأصل السنة يحصل بأي صيغة كانت من صيغ الاستعاذة، وقد ذهب الجمهور إلى أن الأمر في الآية للندب، وروي عن