وقد ورد في الحديث " ملعون من ذبح لغير الله "(١) سواء سمى الله عند ذبحه أو لم يسم لأن ما اشتهر لغيره سبحانه وتعالى ورفع به الصوت باسم الفلاني لا ينفع بعد ذلك ذكر الله تعالى عند ذبحه لأن هذا الحيوان قد انتسب إلى ذلك الغير، وحدث فيه من الخبث ما زاد على خبث الميتة فإنها لم يذكر عليها اسم الله وهذا الحيوان قد عين روحه لغير خالقه ثم ذبح له وهو الشرك بعينه وحين سرى هذا الخبث وأثر فيه لا يحل بحال وأن ذكر اسم الله عليه كما لو ذبح الكلب أو الخنزير على اسمه سبحانه وتعالى لا يحل.
والسر في ذلك إن نذر الروح لغير خالق الروح لا يجوز وإن كان حكم جميع المأكولات والمشروبات والأموال المنذورة للتقرب إلى غير الله سبحانه هكذا فإنها شرك وحرام، ولكن ثوابها الذي كان يعود إلى الناذر جاز جعله للغير كما جاز للإنسان أن يعطي ماله من شاء بخلاف روح الحيوان فإنه ليس بمملوك للإنسان حتى يعطيه لأحد غير الله، وإنما وجب الأجر في إنفاق المال لأن المال شيء ينتفع به في الحال.
ولما كان الموتى لا ينتفعون بعين المال جعل طريق إيصال النفع إليهم أن تجعل الأموال المعطاة لأهل الاستحقاق لهم فيعود ثوابها إليهم، وأما روح الحيوان فلا يصلح للانتفاع في حياة الإنسان فكيف بعد مماته ومضي الأزمان.
وأما الأضحية عن الميت التي ورد بها الحديث فمعناها أن الأجر الذي كاد يثبت في إزهاق الروح لله سبحانه وتعالى يعطى لذلك الميت لا أنه يذبح لأجله ويرفع به الصوت للتقرب إليه.
وهذه الآية الكريمة جاءت في أربعة مواضع من التنزيل ومعناها ما رفع به الصوت لغير الله لا ما ذبح باسم غير الله، فمن رفع الصوت بحيوان لغيره