يذبح له ثم ذكر عليه اسم الله عند الذبح فهاهنا لا تترتب عليه الحليّة أصلاً، نعم أن يغير النية ويبدل الأمنية ويزيل قصد التقرب به إلى غير الله، ويرفع به الصوت خلاف ما رفع به أولاً ويقول تبت عنه، ثم يذبح ويذكر عليه اسم الله تعالى يحل أكله.
وإذا تقرر لك أن الإهلال بمعنى رفع الصوت في اللغة لا بمعنى الذبح علمت أن الذي فسره بالذبح قد غلط غلطاً بيناً أو تجوّز ولا يصار إلى المجاز إلا عند تعدد الحقيقة أو تأول رفع الصوت بالذبح بناء على سبب النزول وإنما العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وقد فسرنا الإهلال في البقرة والمائدة والأنعام بما فسر به جمهور المفسرين وهو تسامح سبق به القلم، وإنما الحق في المقام تفسيره برفع الصوت وإلغاء قيد الذبح ليتناول النظم الكريم كل حيوان رفع به الصوت لغير الله سبحانه وتعالى سواء ذبح باسم الله أو باسم غيره، وعليه تدل اللغة العربية وهي الأصل المقدم في تفسير كلام الله العزيز على الجميع ما لم يعارضه نص مقدم أو ناقل مرجح أو دليل مساو، والذي فسرنا به الآية هنا قد فسرها به الشيخ عبد العزيز المحدث الدهلوي رحمه الله في تفسيره وهو الصواب وبالله التوفيق.
ثم ذكر الله سبحانه الرخصة في تناول شيء مما ذكر فقال (فمن اضطر) أي دعته ضرورة المخمصة إلى تناول شيء من ذلك حال كونه (غير باغ) على مضطر آخر (ولا عاد) متعد قدر الضرورة وسد الرمق (فإن الله غفور رحيم) لا يؤاخذه بذلك، وقيل معناه غير باغ على الوالي ولا متعد على الناس بالخروج لقطع الطريق، فعلى هذا لا يباح تناول شيء من المحرمات في سفر المعصية.
ثم زيف طريقة الكفار في الزيادة على هذه المحرمات كالبحيرة والسائبة وفي النقصان عنها كتحليل الميتة والدم فقال: