فحملوا المسجد الحرام على مكة أو الحرم لإحاطة كل واحد منهما بالمسجد الحرام أو لأن الحرم كله مسجد.
وفي حديث مالك بن صعصعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر " وذكر حديث المعراج بكماله ومن ابتدائية ثم ذكر سبحانه الغاية التي أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم إليها فقال (إلى المسجد الأقصى) وهو بيت المقدس، وسمي الأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام فهو أبعد بالنسبة إلى من بالحجاز وفي تاريخ القدس أنه سمي به لأنه أبعد المساجد التي تزار من المسجد، وقيل لبعده عن الأقذار والخبائث، وقيل لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد، وفي ذلك من تربية معنى التنزيه والتعجب ما لا يخفى.
وأول من بناه آدم بعد أن بنى الكعبة بأربعين سنة كما في المواهب. فهو أول مسجد بني في الأرض بعد الكعبة، وتمام حاله في كتابنا لقطة العجلان فيما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان.
وكان الإسراء به ببدنه في اليقظة وكان قبلها في المنام كما أنه رأى فتح مكة سنة ست وتحقق منه سنة ثمان، والحكمة في إسرائه إلى بيت المقدس دون العروج به من مكة لأنه محشر الخلائق فيطؤه بقدمه ليسهل على أمته يوم القيامة وقوفهم ببركة أثر قدمه أو لأنه مجمع أرواح الأنبياء، فأراد أن يشرفهم بزيارته صلى الله عليه وآله وسلم، أو ليخبر الناس بصفاته فيصدقوه في الباقي، قاله الكرخي والوجه الأخير أظهر والله أعلم.
ثم وصف السجد الأقصى بقوله (الذي باركنا حوله) بركة دنيوية وهي ليست إلا حول الأقصى، وأما في الداخل فالبركة في كل من المسجدين بل هي في الحرام أتم، وهي كثرة الثواب بالعبادة فيهما، وعبارة الخازن يعني بالثمار والأنهار والأشجار أو بالأنبياء والصالحين لأنه قبلتهم قبل نبينا صلى الله عليه وسلم وسماه