وقيل فيها خمسة التفاتات، والخامس الالتفات من قوله أنه هو إلى التكلم في قوله الآتي (وآتينا موسى).
وقد اختلف أهل العلم هل كان الإسراء بجسده صلى الله عليه وسلم مع روحه أو بروحه فقط، فذهب معظم السلف والخلف إلى الأول، وذهب إلى الثاني طائفة من أهل العلم منهم عائشة ومعاوية والحسن وابن إسحاق، وحكاه ابن جرير عن حذيفة بن اليمان.
وذهبت طائفة إلى التفصيل فقالوا كان الإسراء بجسده يقظة إلى بيت المقدس وإلى السماء بالروح، واستدلوا على هذا التفصيل بقوله إلى المسجد الأقصى فجعله غاية للإسراء بذاته صلى الله عليه وسلم فلو كان الإسراء من بيت المقدس إلى السماء وقع بذاته لذكره.
والذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة الكثيرة هو ما ذهب إليه معظم السلف والخلف من الإسراء بجسده وروحه يقظة إلى بيت المقدس ثم إلى السماوات ولا حاجة إلى التأويل وصرف هذا النظم القرآني وما يماثله من ألفاظ الأحاديث إلى ما يخالف الحقيقة، ولا مقتضى لذلك إلا مجرد الاستبعاد وتحكيم محض العقول القاصرة عن فهم ما هو معلوم من أنه لا يستحيل عليه سبحانه شيء.
ولو كان ذلك مجرد رؤيا كما يقوله من زعم إن الإسراء كان بالروح فقط وأن رؤيا الأنبياء حق لم يقع التكذيب من الكفرة للنبي صلى الله عليه وسلم عند إخباره لهم بذلك حتى ارتد من ارتد ممن لم يشرح بالإيمان صدراً، فإن الإنسان قد يرى في نومه ما هو مستبعد بل ما هو محال ولا ينكر ذلك أحد.
وأما التمسك لمن قال بأن هذا الإسراء إنما كان بالروح على سبيل الرؤيا بقوله (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) فعلى تسليم أن المراد بهذه