(فمحونا آية الليل) أي طمسنا نورها، وقد كان القمر كالشمس في الإنارة والضوء، قيل ومن آثار المحو السواد الذي يرى في القمر؛ وقيل المراد بمحوها أنه سبحانه خلقها ممحوة الضوء مطموسة مظلمة لا يستبين فيه شيء، وليس المراد أنه محاها بعد أن لم تكن كذلك، والفاء تفسيرية لأن المحو المذكور وما عطف عليه ليسا مما يحصل عقب جعل الليل والنهار آيتين بل هما من جملة ذلك الجعل ومتمماته. وعن عليّ قال في الآية: هو السواد الذي في القمر. وعن ابن عباس نحوه.
وأخرج البيهقي وابن عساكر عن سعيد المقبري أن عبد الله بن سلام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواد الذي في القمر فقال " كان شمسين، فالسواد الذي رأيت هو المحو " وعن ابن عباس مرفوعاً نحوه بأطول منه. أخرجه ابن مردويه، قال السيوطي وإسناده واه.
(وجعلنا آية النهار مبصرة) أي مبصراً فيها قال الكسائي وغيره هو من قول العرب: أبصر النهار إذا صار بحالة يبصر بها، وأشار بهذا إلى أن في الكلام مجازاً عقلياً لأن النهار لا يبصر، بل يبصر فيه فهو من إسناد الحديث إلى زمانه، وقيل مبصرة للناس من قولهم أبصره فبصر. فالأول وصف لها بحال أهلها؛ والثاني وصف لها بحال نفسها وإضافة آية إلى النهار بيانية، أي فمحونا الآية التي هي النهار مبصرة، كقولهم نفس الشيء وذاته. وقيل آية النهار الشمس، كما أن آية الليل القمر، فمعنى وجعلنا آية النهار مبصرة، أي جعلنا شمس النهار مضيئة تبصر بها الأشياء رؤية بينة.
(لتبتغوا فضلاً من ربكم) أي لتتوصلوا ببياض النهار إلى التصرف في وجوه المعاش، والمعنى جعلناها لتبتغوا وتطلبوا فضلاً أي رزقاً، إذ غالب تحصيل