كانوا يزعمون أنهم إن لم يكونوا على الحق، فالشفاعة على أسلافهم الذين قلدوهم.
أخرج ابن عبد البر في التمهيد عن عائشة قالت: سألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال: " هم من آبائهم " ثم سألته بعد ذلك فقال: " الله أعلم بما كانوا عاملين " ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام فنزلت (ولا تزر وازرة) الآية فقال " هم على الفطرة أو قال في الجنة " قال السيوطي وسنده ضعيف.
وقد ثبت في الصحيحين (١) وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له: يا رسول الله إنا نصيب في البيات من ذراري المشركين قال " هم منهم " وفي ذلك أحاديث كثيرة وبحث طويل، وقد ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية غالب الأحاديث الواردة في أطفال المشركين ثم نقل كلام أهل العلم في المسألة فليرجع إليه.
(وما كنا معذبين) أحداً (حتى نبعث رسولاً) لما ذكر سبحانه اختصاص المهتدي بهدايته والضال بضلالته وعدم مؤاخذة الإنسان بجناية غيره ذكر أنه لا يعذب عباده إلا بعد الإعذار إليهم بإرسال رسله وإنزال كتبه فبين سبحانه أنه لم يتركهم سدى ولا أخذهم قبل إقامة الحجة عليهم، والظاهر أنه لا يعذبهم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بعد الإعذار إليهم بإرسال الرسل، وبه قالت طائفة من أهل العلم وذهب الجمهور إلى أن المنفي هنا هو عذاب الدنيا لا عذاب الآخرة؛ وفيه دليل على أن ما وجب إنما وجب بالسمع لا بالعقل.