التبذير، والمراد بالأخوة المماثلة التامة وتجنب مماثلة الشيطان ولو في خصلة واحدة من خصاله واجب فكيف فيما هو أعم من ذلك كما يدل عليه إطلاق المماثلة، والإسراف في الإنفاق من عمل الشيطان فإذا فعله أحد من بني آدم فقد أطاع الشيطان واقتدى به، وهذا غاية المذمة لأنه لا شر من الشياطين، والعرب تقول لكل من هو ملازم سنة قوم هو أخوهم.
قال ابن مسعود: التبذير إنفاق المال في غير حقه، وعنه كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث إن التبذير النفقة في غير حقه، وعن ابن عباس قال: هم الذين ينفقون المال في غير حقه، وعن عليّ قال: ما أنفقت على نفسك وأهل بيتك في غير سرف ولا تبذير وما تصدقت فلك، وما أنفقت رياء وسمعة فذلك حظ الشيطان.
وقيل هو إنفاق المال في العمارة على وجه السرف، وقيل لو أنفق الإنسان ماله كله في الحق لم يكن مبذراً، ولو أنفق درهما أو مداً في باطل كان مبذرًا، قيل إن بعضهم أنفق نفقة في خير فأكثر، فقال له صاحبه لا خير في السرف، فقال لا سرف في الخير، ولا مانع من حمل الآية على الجميع والعموم أولى.
(وكان الشيطان لربه) أي لنعم ربه (كفوراً) أي كثير الكفران جحود النعمة، عظيم التمرد عن الحق، لأنه مع كفره لا يعمل إلا شراً، ولا يأمر إلا بعمل الشر، ولا يوسوس إلا بما خير فيه، وفي هذه الآية تسجيل على المبذرين بمماثلة الشياطين، ثم التسجيل على جنس الشيطان بأنه كفور، فاقتضى ذلك أن المبذر مماثل للشيطان، وكل مماثل للشيطان له حكم الشيطان، وكل شيطان كفور فالمبذر كذلك.
قال الكرخي: وكذلك من رزقه الله جاهاً أو مالاً فصرفه إلى غير مرضاة الله كان كفوراً لنعمة الله لأنه موافق للشيطان في الصفة والفعل.