للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحب نقيض البغض والمحبة والإرادة وقيل في معنى الآية غير ذلك وإيثار إظهار الاسم الجليل في موضح الإضمار لتفخيم الحب والإشعار بعلته.

(ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب) قرأ أهل مكة بالياء وأهل الشام بالفوقية، والمعنى على الأولى لو يرى الذين ظلموا في الدنيا عذاب الآخرة لعلموا حين يرونه (أن القوة لله جميعاً) قاله أبو عبيدة، قال النحاس: وهذا القول هو الذي عليه أهل التفسير انتهى، وعلى هذا فالرؤية هي البصرية لا القلبية، وروي عن محمد بن يزيد قال: هذا التفسير الذي جاء به أبو عبيدة بعيد، وليست عبارته فيه بالجيدة لأنه يقدر ولو يرى الذين ظلموا العذاب، فكأنه يجعله مشكوكاً فيه وقد أوجبه الله تعالى، ولكن التقدير وهو الأحسن ولو يرى الذين ظلموا أن القوة لله، ويرى بمعنى يعلم أي لو يعلمون حقيقة قوة الله وشدة عذابه، قال: وجواب لو محذوف أي لتبينوا ضرر اتخاذهم الآلهة كما حذف في قوله (ولو ترى إذ وقفوا على النار) (ولو ترى إذ وقفوا على ربهم).

ومن قرأ بالفوقية فالتقدير ولو ترى يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذين ظلموا في حال رؤيتهم العذاب وفزعهم منه لعلمت أن القوة لله جميعاً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم علم ذلك؛ ولكن خوطب بهذا الخطاب؛ والمراد به أمته، وقيل (أن) في موضع نصب مفعول لأجله أي لأن القوة لله، ودخلت إذ وهي لما مضى في إثبات هذه المستقبلات تقريباً للأمر وتصحيحاً لوقوعه، وهو مما يتكرر في القرآن كثيراً، وجميع في الأصل فعيل من الجمع وكأنه اسم جمع فلذلك يتبع تارة بالمفرد، قال تعالى: (نحن جميع منتصر) وتارة بالجمع قال تعالى (جميع لدينا محضرون) وينتصب حالاً ويؤكد بمعنى كل، ويدل على الشمول كدلالة كل، ولا دلالة له على الاجتماع في الزمان.

(وأن الله شديد العذاب) عطف على ما قبله وفائدته تهويل الخطب وتفظيع الأمر، فإن اختصاص القوة به تعالى لا يوجب شدة العذاب لجواز تركه عفواً مع القدرة عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>