ناس: قد ورد وقد كان حدثنا أنه سيدخلها فكانت رجعته فتنتهم فافتتن المسلمون لذلك فلما فتح الله مكة نزل قوله تعالى (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق).
وقد تعقب هذا بأن هذه الآية مكية والرؤيا المذكورة كانت بالمدينة، وأجيب بأنه لا يبعد أنه صلى الله عليه وسلم رأى ذلك بمكة ثم كان حقيقة بالمدينة وفيه تكلف.
وقال الخفاجي: بعيد لقلة جدواه، قيل أن هذه الرؤيا هي أنه رأى بني مروان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فقيل إنما هو هي الدنيا أعطوها فسرى عنه وفيه ضعف جداً فإنه لا فتنة للناس في هذه الرؤيا إلا أن يراد بالناس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده ويراد بالفتنة ما حصل من الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو يحمل على أنه قد كان أخبر الناس بها فافتتنوا.
وقيل أن الله سبحانه أراه في المنام مصارع قريش حتى قال: والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم وهو يومئ إلى الأرض ويقول هذا مصرع فلان هذا مصرع فلان فلما سمع ذلك قريش جعلوا رؤياه سخرية.
وقد تعارضت هذه الأسباب ولم يمكن الجمع بينها فالواجب المصير إلى الترجيح والراجح كثرة وصحة هو كون سبب نزول هذه الآية قصة الإسراء فتعين ذلك، قال ابن عباس: رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة المعراج وهي ليلة أسرى به إلى بيت المقدس، أخرجه البخاري، وبه قال سعيد بن جبير والحسن ومسروق وقتادة ومجاهد وعكرمة وابن جريج وغيرهم، وقد حكى ابن كثير إجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك في الرؤيا وفي تفسير الشجرة الآتية وأنها شجرة الزقوم فلا اعتبار بغيرهم معهم.