أجمل سبحانه هذا الكثير ولم يبين أنواعه فأفاد ذلك إن بني آدم فضلهم الله سبحانه على كثير من مخلوقاته لا على الكل، وقد شغل كثير من أهل العلم بما لم تكن إليه حاجة ولا تتعلق به فائدة وهو مسألة تفضيل الملائكة على الأنبياء والأنبياء على الملائكة، ومن جملة ما تمسك به مفضلو الأنبياء عليهم السلام على الملائكة هذه الآية ولا دلالة لها على المطلوب لما عرفت من إجمال الكثير وعدم تبيينه، والتعصب في هذه المسألة هو الذي حمل بعض الأشاعرة على تفسير الكثير هنا بالجميع حتى يتم له التفضيل على الملائكة وهو تعسف لا حاجة إليه.
وتمسك بعض المعتزلة بهذه الآية على تفضيل الملائكة على الأنبياء ولا دلالة لها على ذلك فإنه لم يقم دليل على أن الملائكة من القليل الخارج عن هذا الكثير ولو سلمنا ذلك فليس فيما خرج عن هذا الكثير ما يفيد أنه أفضل من بني آدم بل غاية ما فيه أنه لم يكن الإنسان مفضلاً عليه فيحتمل أن يكون مساوياً للإنسان، ويحتمل أن يكون أفضل منه ومع الاحتمال لا يتم الاستدلال، والتأكيد بقوله (تفضيلاً) يدل على عظم هذا التفضيل وأنه بمكان مكين فعلى بني آدم أن يتلقوه بالشكر ويحذروا من كفرانه.