به الصانع من المصنوعات، قال أبو السعود وهو الأحق الأظهر أو اسم لكل موجود سوى الله تعالى، قال قتادة فيدخل فيه جميع الخلق، وهو ظاهر كلام الجوهري، وقيل أهل كل زمان عالم، قاله الحسين بن مفضل، وقال ابن عباس العالمون هم الجن والإنس، وقيل اسم جمع عالم بالفتح وليس جمعاً له لأن العالم عام في العقلاء وغيرهم، والعالمين مختص بالعقلاء، والخاص لا يكون جمعاً لما هو أعم منه، قاله ابن مالك وتبعه ابن هشام في توضيحه، وذهب كثير إلى أنه جمع عالم على حقيقة الجمع، وقال الفراء وأبو عبيد: العالم عبارة عما يعقل وهم أربعة أمم الانس والجن والملائكة والشياطين، ولا يقال للبهائم عالم لأن هذا الجمع إنما هو جمع ما يعقل، حكاها القرطبي وذكر أدلتها، وقال إن القول الأول أصح هذه الأقوال لأنه شامل لكل مخلوق موجود، دليله قوله تعالى:(قال فرعون وما رب العالمين، قال رب السموات والأرض وما بينهما) وقيل عنى به الناس فإن كل واحد منهم عالم، وفيه بعد.
قال الزجاج: العالم كل ما خلقه الله تعالى في الدنيا والآخرة وعلى هذا يكون جمعه بالياء والنون تغليباً للعقلاء على غيرهم وعن ابن عباس في الآية قال إنه الخلق كله، السموات كلهن ومن فيهن والأرضين كلهن ومن فيهن ومن بينهن مما يعلم ولا يعلم، وفيه دليل على أن رب العالمين جرى مجرى الدليل على وجود الآله القديم وبيان لشمول ربوبيته تعالى لجميع الأجناس، فآثار تربيته عز وجل الفائضة على كل فرد من أفراد الموجودات في كل آن من آنات الوجود غير متناهية فسبحانه ما أعظم شأنه لا تلاحظه العيون بأنظارها، ولا تطالعه العقول بأفكارها شأنه لا يضاهى، وإحسانه لا يتناهى، ونحن في معرفته حائرون، وفي إقامة مراسم شكره قاصرون.
وأتى بجمع القلة تنبيهاً على أنهم وإن كثروا قليلون في جنب عظمته وكبريائه تعالى، واختلف في مبلغ عدد العالم على أقوال لم يصح شيء منها، والحق ما قاله سبحانه وتعالى (وما يعلم جنود ربك إلا هو).