للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فمن اضطر) إلى شيء من هذه المحرمات، والمضطر هو المكلف بالشيء الملجأ إليه المكره عليه والمراد هنا من خاف التلف، والمضطر إما بإكراه فيبيح ذلك إلى زوال الإكراه، أو يجوع في مخمصة، فإن كانت دائمة فلا خلاف في جواز الشبع منها، وإن كانت نادرة فقال الشافعي: يأكل ما يسد به الرمق، وبه قال أبو حنيفة أو يأكل قدر الشبع، وبه قال مالك، فأكل (غير باغ) بالاستئثار على مضطر آخر أو على الوالي وأصل البغي الفساد (ولا عاد) اسم فاعل أصله من العدوان وهو الظلم ومجاوزة الحد، والمراد بالباغي من يأكل فوق حاجته، والعادي من يأكل هذه المحرمات وهو يجد عنها مندوحة وبلغة، وقال ابن عباس: باغ في الميتة وعاد في الأكل وقيل غير باغ على المسلمين ولا معتد عليهم، فيدخل في الباغي والعادي قاطع السبيل والخارج على السلطان والمفارق للجماعة والأئمة، والمفسد في الأرض وقاطع الرحم، وقيل المراد غير باغ على مضطر آخر ولا عاد لسد الجوعة، قاله سعيد بن جبير.

(فلا إثم عليه) في تناوله ولا حرج، ومن أكله وهو غير مضطر فقد بغى واعتدى (إن الله غفور) لمن أكل من الحرام (رحيم) به إذ أحل له الحرام في الاضطرار. (١)


(١) روى أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد عن سَمَاك بن حرب عن جابر بن سَمُرة أن رجلاً نزل الحَرّة ومعه أهله وولده، فقال رجل: إن ناقة لي ضَلّت فإن وجدتها فأمسكها؛ فوجدها فلم يجد صاحبها فمرضت، فقالت امرأته: انحرها، فأبى فَنَفَقَت. فقالت: اسلخها حتى نُقدّد لحمها وشحمها ونأكله، فقال: حتى أسال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فسأله، فقال: " هل عندك غنىَّ يغنيك " قال لا، قال: " فكلوها " قال: فجاء صاحبها فأخبره الخبر؛ فقال: أفلا كنت نحرتها! فقال: أستحييت منك.

<<  <  ج: ص:  >  >>