لبنات النعش في أرض الروم، فإذا طلعت الشمس كانت عن يمين الكهف وإذا غربت كانت عن يساره ولا تقع عليهم عند الطلوع ولا عند الغروب ولا عند الاستواء فتؤذيهم بِحَرِّها وتغير ألوانهم وتبلي ثيابهم، ولكن اختار الله لهم مضجعاً في متسع ينالهم فيه برد الريح ونسيمها ويدفع عنهم كرب الغار وغمه.
ويؤيد القول الأول قوله (ذلك من آيات الله) فإن صرف الشمس عنهم مع توجه الفجوة إلى مكان تصل إليه عادة أنسب بمعنى كونها آية. ويؤيده أيضاً إطلاق الفجوة وعدم تقييدها بكونها إلى جهة كذا؛ وعلى الثاني يكون المعنى أن شأنهم وحديثهم من آيات الله والأول أولى. وقد قيل إنه كان لكهفهم حاجب من جهة الجنوب وحاجب من جهة الدبور وهم في زاويته.
وذهب الزجاج إلى أن فعل الشمس كان آية من الله تعالى من دون أن يكون باب الكهف إلى جهة توجب ذلك. وعلى الجملة فالآية في ذلك أن الله تعالى آواهم إلى كهف هذه صفته لا إلى كهف آخر يتأذون فيه بانبساط الشمس عليهم في معظم النهار، وعلى هذا فيمكن أن يكون صرف الشمس عنهم بإظلال غمام أو سبب آخر.
والمقصود بيان حفظهم من تطرق البلاء وتغير الأبدان والألوان إليهم والتأذي بحرّ أو برد.
ثم أثنى سبحانه عليهم بقوله:(من يهد الله) إلى الحق مثل أصحاب الكهف (فهو المهتد) الذي ظفر بالهدى وأصاب الرشد والفلاح (ومن يضلل) أي يضلله الله ولم يرشده كدقيانوس وأصحابه (فلن تجد له ولياً مرشداً) أي ناصراً يهديه إلى الحق.