وليس في زينة الدنيا خير حتى تفضل عليها الآخرة، ولكن هذا التفضيل خرج مخرج قوله تعالى (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً) والظاهر أن الباقيات الصالحات كل عمل خير فلا وجه قصرها على الصلاة كما قال بعض، ولا لقصرها على نوع من أنواع الذكر كما قاله بعض آخر، ولا على ما كان يفعله فقراء المهاجرين باعتبار السبب، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وبهذا يعرف أن تفسير الباقيات الصالحات في الأحاديث بما سيأتي لا ينافي إطلاق هذا اللفظ على ما هو عمل صالح من غيرها.
عن عليّ قال: المال والبنون حَرْثُ الدنيا والعمل الصالح حَرْثُ الآخرة، وقد جمعهما الله لأقوام. عن ابن عباس قال: الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" استكثروا من الباقيات الصالحات. قيل وما هن يا رسول الله؟ قال: التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله "(١).
وأخرج الطبراني وغيره عن أبي الدرداء مرفوعاً بلفظ " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله هن الباقيات الصالحات ". وأخرج النسائي والطبراني في الصغير والبيهقي وغيرهم عن أبي هريرة مرفوعاً: خذوا جُنَّتَكم. قيل يا رسول الله من أي عدو قد حضر؟ قال: " بل جُنَّتُكم من النار قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله