ووجه كونه من الملائكة أن الله سبحانه استثناه من الملائكة والاستثناء يفيد إخراج ما لولاه لدخل أو يصح دخوله وذلك يوجب كونه من الملائكة، ووجه من قال إنه من الجن هذه الآية. والجن جنس مخالف للملائكة. وأجيب عن الاستثناء بأنه منقطع كما تقدم وهو مشهور في كلام العرب قال تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني) وقال تعالى (لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً).
(ففسق عن أمر ربه) أي خرج عن طاعته بترك السجود لأدم عليه السلام قال الفراء: تقول العرب فسقت الرطبة عن قشرها لخروجهما منه، قال النحاس: اختلف في معناه على قولين: الأول مذهب الخليل وسيبويه أن المعنى أتاه الفسق لما أمر فعمى فكان سبب الفسق أمر ربه كما تقول أطعمه من جوع، والقول الآخر قول قطرب أن المعنى على حذف المضاف أي فسق عن ترك أمره.
وعن ابن عباس قال: إن من الملائكة قبيلة يقال لهم الجن فكان إبليس منهم وكان يوسوس ما بين السماء والأرض فعصى فسخط الله عليه فمسخه شيطاناً رجيماً وعنه قال: كان خازن الجنان فسمي بالجان، وعن الحسن قال: قاتل الله أقواماً زعموا أن إبليس كان من الملائكة والله يقول كان من الجن وعنه قال: ما كان من الملائكة طرفة عين إنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس.
ثم إنه سبحانه عجب من حال من أطاع إبليس في الكفر والمعاصي وخالف أمر الله فقال (أفتتخذونه) كأنه قال أعقيب ما وجد منه من الإباء والفسق تتخذونه (و) تتخذون (ذريته) أي أولاده، وقيل أتباعه مجازاً، قال قتادة: يتوالدون كما يتوالد بنو آدم، وقال مجاهد: من ذرية إبليس لاقس وولهان وهما صاحبا الطهارة والصلاة اللذان يوسوسان فيهما ومن ذريته مرة وبه