يأخذ عنه العلم ويخدمه ويتبعه، وهذا بيان وجه إضافته لموسى وكان ابن أخته.
ومعنى (لا أبرح) لا أزال سائراً، ومنه قوله (لن نبرح عليه عاكفين)، وبرح إذا كان بمعنى زال يزال فهو من الأفعال الناقصة وخبره محذوف لدلالة ما بعده وهو (حتى أبلغ) أي أنتهي، قاله ابن زيد (مجمع البحرين) أي ملتقاهما. قال الزجاج: لا أبرح بمعنى لا أزال، وقد حذف الخبر لدلالة حال السفر عليه، ولأن قوله حتى أبلغ غاية مضروبة فلا بد لها من ذي غاية، فالمعنى لا أزال أسير إلى أن أبلغ، ويجوز أن يراد لا يبرح مسيري حتى أبلغ، وقيل معناه: لا أفارقك حتى أبلغ، وقيل: يجوز أن يكون من برح التام بمعنى زال يزول فلا تستدعي خبراً بمعنى لا أزول عما أنا عليه من السير والطلب ولا أفارقه.
قيل: المراد بالبحرين بحر فارس والروم وهما نحو المشرق والمغرب، قاله قتادة وقيل: بحر الأردن وبحر القلزم، ومجمع البحرين عند طنجة، قاله محمد ابن كعب، وقيل بإفريقية، قاله أبي بن كعب؛ وقيل: أن ملتقاهما عند البحر المحيط. وقالت طائفة؛ المراد بالبحرين موسى والخضر، وهو من الضعف بمكان. وقد حكى عن ابن عباس ولا يصح.
(أو أمضي) أي أسير (حقباً) أي زماناً طويلاً، قال الجوهري: الحقب بالضم ثمانون سنة. وقال مجاهد: سبعون خريفاً، وقيل سنة واحدة بلغة قريش، وفي معناه الحقبة بالكسر والضم وتجمع الأولى على حقب بكسر الحاء كَقِرْبَة وقِرَب والثانية على حُقَب بضم الحاء كَغُرْفَة وَغُرَف.
وقال النحاس: الذي يعرفه أهل اللغة أن الحقب والحقبة زمان من الدهر مبهم غير محدود، كما أن رهطاً وقوماً مبهمان غير محدودين وجمعه أحقاب، وسبب هذه العزمة على السير من موسى عليه السلام ما روي أنه سئل موسى من أعلم الناس؛ فقال أنا، فأوحى الله إليه أن عبداً لي بمجمع