قال سفيان: يزعم الناس أن تلك الصخرة عندها عين الحياة لا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قال وكان الحوت قد أكل منه فلما قطر عليه الماء عاش، قال فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى فقال الخضر وإني بأرضك السلام، قال أنا موسى؛ قال موسى بن إسرائيل؛ قال نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً، قال: إنك لن تستطيع معي صبراً، يا موسى إني على علم من الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من الله علمك الله لا أعلمه. قال موسى ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً، فقال له الخضر: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً.
فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحاً من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً، قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً؟ قال: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً.
قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فكانت الأولى من موسى نسياناً "، قال " وجاءَ عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور الذي وقع على حرف السفينة من هذا البحر ".
ثم خرجا من السفينة فبينما. هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله، فقال موسى: أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكراً، قال: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً، قال: وهذه أشد من الأولى، قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً.