للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) وقد استدل بهذه الآية القائلون بأن الحر لا يقتل بالعبد وهم الجمهور، وذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن أبي ليلى وداود إلى أنه يقتل به إذا كان غير سيده، وأما سيده فلا يقتل به إجماعاً إلا ما روي عن النخعي، فليس مذهب أبي حنيفة ومن معه على الإطلاق ذكره الشوكاني في شرح المنتقي، قال القرطبي: وروي ذلك عن علي وابن مسعود وبه قال سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وقتادة والحكم بن عتبة، واستدلوا بقوله تعالى (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) وأجاب الأولون عن هذا الاستدلال بأن قوله الحر بالحر والعبد بالعبد مفسر لقوله تعالى (النفس بالنفس) وقالوا أيضاً أن قوله (وكتبنا عليهم فيها) يفيد أن ذلك حكاية عما شرعه الله لبني إسرائيل في التوراة.

ومن جملة ما استدل به الآخرون قوله - صلى الله عليه وسلم - " المسلمون تتكافأ دماؤهم " ويجاب عنه بأنه مجمل، والآية مبينة ولكنه يقال أن قوله تعالى (الحر بالحر والعبد بالعبد) إنما أفاد بمنطوقه أن الحر يقتل بالحر والعبد يقتل بالعبد، وليس فيه ما يدل على أن الحر لا يقتل بالعبد إلا باعتبار المفهوم، فمن أخذ بمثل هذا المفهوم لزمه القول به هنا، ومن لم يأخذ بمثل هذا المفهوم لم يلزمه القول به هنا، والبحث في هذا محرر في علم الأصول.

وقد استدل بهذه الآية القائلون بأن المسلم يقتل بالكافر، وهم الكوفيون والثوري لأن الحر يتناول الكافر كما يتناول المسلم، وكذا العبد والأنثى يتناولان الكافر كما يتناولان السلم، واستدلوا أيضاً بقوله تعالى (أن النفس بالنفس) لأن النفس تصدق على النفس الكافرة كما تصدق على النفس المسلمة، وذهب الجمهور إلى أنه لا يقتل المسلم بالكافر، واستدلوا بما ورد في السنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " لا يقتل مسلم بكافر " (١) وهو مبين لما يراد في


(١) أحمد/١/ ٧٩ - ٢/ ١٧٨ وبرواية لا يقتل مؤمن بكافر ٢/ ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>