والحق ما ذكرناه عن البخاري وأضرابه في ذلك ولا حجة في قول أحد كائناً من كان إلا الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يرد في ذلك نص مقطوع به ولا حديث مرفوع إليه صلى الله عليه وسلم حتى يعتمد عليه ويصار إليه؛ وظاهر الكتاب والسنة نفي الخلد وطول التعمير لأحد من البشر، وهما قاضيان على غيرهما، ولا يقضي غيرهما عليهما.
ومن قال إنه نبي أو مرسل أو حي باق لم يأت بحجة نيرة ولا سلطان مبين، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، وقد تكلم الحافظ على هذا الباب في فتح الباري أيضاً فمَنْ شاء الاطلاع على تفصيل ذلك فليرجع إليه وبالله التوفيق، ومنه الفتح والإصابة. ولما أجاب سبحانه عن سؤالين من سؤالات اليهود وانتهى الكلام إلى حيث انتهى شرع سبحانه في السؤال الثالث والجواب عنه، فالمراد بالسائلين في قوله (ويسألونك) هم اليهود أي سؤال تعنت (عن ذي القرنين) واختلفوا فيه اختلافاً كثيرا، فقيل هو الاسكندر بن فيلقوس الذي ملك الدنيا كلها بأسرها اليوناني باني الاسكندرية.
وقال ابن إسحاق: هو رجل من أهل مصر اسمه مرزبان بن مرزبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح، وقيل هو ملك اسمه هرمس وقيل هردس، وقيل شاب من الروم وقيل كان نبياً وقيل كان عبداً صالحاً وقيل اسمه عبد الله بن الضحاك وقيل مصعب بن عبد الله من أولاد كهلان بن سبا.
وحكى القرطبي عن السهيلي أنه قال: أن الظاهر من علم الأخبار أنهما اثنان أحدهما كان على عهد إبراهيم عليه السلام، والآخر كان قريباً من عيسى عليه السلام، وقيل هو أبو كرب الحميري وقيل هو ملك من الملائكة؛ ورجح الرازي القول الأول قال: لأن من بلغ ملكه من السعة والقوة إلى الغاية التي نطق بها النزيل إنما هو إسكندر اليوناني كما يشهد به كتب التواريخ قال فوجب القطع بأن ذا القرنين هو الاسكندر.
قال: وفيه إشكال لأنه كان تلميذاً لأرسطاطاليس الحكيم وكان