لباسهم جلود الوحش وطعامهم ما لفظ البحر، وكانوا كفاراً، قاله البيضاوي. ومن المعلوم أن الكفر إنما يتحقق بعد بعثة رسول وعدم إيمانهم به، ولينظر أي رسول أرسل إلى هؤلاء حتى كفروا به.
هذا والأظهر أنهم كانوا أهل فترة لم يرسل إليهم أحد، ولما جاءهم ذو القرنين دعاهم إلى ملة إبراهيم، فمنهم من آمن ومنهم من كفر؛ فخيره الله بين أن يعذبهم وبين أن يتركهم فقال:
(قلنا يا ذا القرنين) يستدل بها من يزعم أنه كان نبياً فإن الله خاطبه بالوحي ومن قال إنه لم يكن نبياً أوّله بالإلهام، ويحتمل أن يكون الخطاب على لسان نبي غيره (إِما أن تعذب) إياهم بالقتل من أول الأمر (وإما أن تتخذ فيهم حُسناً) أي أمراً ذا حسن أو أمراً حسناً مبالغة بجعل المصدر صفة للأمر، والمراد دعوتهم إلى الحق وتعليمهم الشرائع، قيل: وإما للتقسيم دون التخيير، أي ليكن شأنك معهم إما التعذيب وإما الإحسان، فالأول لمن أصرّ على الكفر والثاني لمن تاب منه والأول أولى.