(للوالدين والأقربين) لم يبين الله سبحانه ههنا القدر الذي كتب الوصية به للوالدين والأقربين فقيل الخمس وقيل الربع وقيل الثلث، وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة فذهب جماعة إلى أنها محكمة، وقالوا هي وإن كانت عامة فمعناها الخصوص، والمراد بها من الوالدين من لا يرث كالأبوين الكافرين، ومن هو في الرق، ومن الأقربين من عدا الورثة منهم.
قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الوصية للوالدين اللذين لا يرثان والأقرباء الذين لا يرثون جائزة، وقال كثير من أهل العلم أنها منسوخة بآية المواريث مع قوله - صلى الله عليه وسلم - " لا وصية لوارث "(١) وهو حديث صححه بعض أهل الحديث، وروي من غير وجه، وللشيخ سعد التفتازاني فيه مناقشة، وقال بعض أهل العلم إنه نسخ الوجوب وبقي الندب، روي ذلك عن الشعبي والنخعي ومالك.
(بالمعروف) أي بالعدل لا وكس فيه ولا شطط، وقد أذن الله للميت بالثلث دون ما زاد عليه فلا يزيد على الثلث، ولا يوصي للغني ويدع الفقير، وعن علي لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث، فمن أوصي بالثلث فلم يترك، وقيل يوصي بالسدس أو بالخمس أو بالربع (حقا) مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله معناه الثبوت والوجوب، وقيل ثبوت ندب لا ثبوت فرض ووجوب (على المتقين) أي على الذين يتقون الشرك.
(١) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وحسنه أحمد والترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي به مرفوعاً وقواه ابن خزيمة وابن الجارود- انظر تمييز الطيب من الخبيث/١٦٣٦.