قال الجمهور (أو على سفر) أي مستعلياً على السفر ومتمكناً منه بأن كان متلبساً به وقت طلوع الفجر.
واختلف أهل العلم في السفر المبيح للإفطار فقيل مسافة قصر الصلاة، والخلاف في قدرها معروف، وبه قال الجمهور، وقال غيرهم بمقادير لا دليل عليها، والحق أن ما صدق عليه مسمى السفر فهو الذي يباح عنده الفطر، وهكذا ما صدق عليه مسمى المرض فهو الذي يباح عنده الفطر، وقد وقع الإجماع على الفطر في سفر الطاعة، واختلفوا في الأسفار المباحة، والحق أن الرخصة ثابتة فيه وكذا اختلفوا في سفر المعصية.
(فعدة من أيام أخر) أي فعليه عدة ما أفطر من أيام أخر بصومها بدله، وأخر جمع أخرى تأنيث أخر بفتح الخاء أو جمع أخرى بمعنى آخره تأنيث آخر بكسر الخاء، وفيه الوصف والعدل، واختلف النحاة في كيفية العدل فيه على أقوال، والعدة فعلة من العدد، وهو بمعنى المعدود أي فعلمه عدة أو فالحكم عدة أو فالواجب عدة من غير أيام مرضه وسفره، وإليه ذهب الظاهرية، وبه قال أبو هريرة، وليس في الآية ما يدل على وجوب التتابع في القضاء.
(وعلى الذين) لا (يطيقونه) لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة فقيل إنها منسوخة، وإنما كانت رخصة عند ابتداء فرض الصيام، لأنه شق عليهم، وكان من أطعم كل يوم مسكيناً ترك الصوم وهو يطيقه ثم نسخ ذلك وهو قول الجمهور، وروي عن بعض أهل العلم أنها لم تنسخ، وأنها رخصة للشيوخ والعجائز خاصة إذا كانوا لا يطيقون الصيام إلا بمشقة، وهذا يناسب قراءة التشديد، وهو يطوقونه أي يكلفونه والناسخ لهذه الآية عند الجمهور قوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)(فدية طعام مسكين) وقرىء مساكين، والفدية الجزاء وهو القدر الذي يبذله الإنسان يقي به نفسه من تقصير وقع منه