للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يكن في سفر بل كان مقيماً فليصم فيه، قال جماعة من السلف والخلف أن من أدركه شهر رمضان مقيماً غير مسافر لزمه صيامه، سافر بعد ذلك أو أقام، واستدلوا بهذه الآية.

وقال الجمهور: أنه إذا سافر أفطر لأن معنى الآية أنه حضر الشهر من أوله إلى آخره لا إذا حضر بعضه وسافر فإنه لا يتحتم عليه إلا صوم ما حضره، وهذا هو الحق، وعليه دلت الأدلة الصحيحة من السنة، وقد كان يخرج صلى الله عليه وسلم في رمضان فيفطر، وقيل هي رؤية الهلال ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " (١)، أخرجه الشيخان، ولا خلاف أنه يصوم رمضان من رأى الهلال ومن أخبر به؛ ثم قيل يجزيء فيه خبر الواحد قاله أبو ثور، وقيل خبر الجمع قاله مالك.

(ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) قد تقدم تفسيره وإنما كرره لأن الله تعالى ذكر في الآية الأولى تخيير المريض والمسافر والمقيم الصحيح ثم نسخه بقوله (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) فلو اقتصر على هذا لاحتمل أن يشمل النسخ الجميع فأعاد بعد ذكر الناسخ الرخصة للمريض والمسافر ليعلم أن الحكم فيهما باق على ما كان عليه، وقد أطال بعضهم في بيان مسائل المرض والسفر في تفسير هذه الآية والأمر ظاهر.

(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) فلذلك أباح الفطر للسفر والمرض، وفيه أن هذا مقصد من مقاصد الرب سبحانه ومراد من مراداته في جميع أمور الدين، ومثله قوله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " وهو في الصحيح (٢)، واليسر السهل الذي لا عسر فيه، عن ابن عباس قال اليسر الإفطار في السفر، والعسر الصوم في السفر.


(١) مسند أحمد ٤/ ٤١٧ - ١/ ٣٦٥ - ٣/ ١٣١.
(٢) مسند أحمد ٢/ ٤١٥ - ٥/ ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>