أعطاه ملك من الملائكة إذ توجه إلى مدين فكانت تضيء له بالليل ويضرب بها الأرض فيخرج له النبات، ويهش بها على غنمه ورق الشجر. وعن قتادة: كانت تضيء له بالليل، وكانت عصا آدم عليه السلام ورثها شعيب وأعطاها لموسى بعد أن زوَّجه ابنته. قيل وكان لها شعبتان وفي أسفلها سنان ولها محجن واسمها تبعة (أتوكأ) أي أتحامل (عليها) في المشي وأعتمدها عند الإعياء والوقوف على قطيع الغنم وعند الوثوب والنهوض للقيام، ومنه الاتكاء.
(وأهش بها على غنمي) هش بالعصا يهش هشاً إذا خبط بها الشجر ليسقط منه الورق، أي أضرب بها الشجر فيتساقط منه الورق على غنمي؛ قاله عكرمة. وقد روي نحو هذا عن جماعة من السلف.
وقرأ النخعي أهس بالسين المهملة، وهو زجر الغنم، وكذا قرأ عكرمة، وقيل هما لغتان بمعنى واحد، ولما ذكر تفصيل منافع العصا عقبه بالإجمال فقال:(ولي فيها مآرب) أي حوائج (أخرى) قاله مجاهد وقتادة، وأحدها مأرُبة مثلت الراء، كذا قال ابن الأعرابي وقطرب، والقياس أُخر، وإنما قال أخرى رداً إلى الجماعة أو لنسق الأخرى، ولما ذكر بعضها شكراً أجمل الباقي حياء من التطويل أو ليسأل عنها الملك العلام فيزيد في الإكرام ويتلذذ بالخطاب.
وقد تعرض قوم لتعداد منافع العصا فذكروا من ذلك أشياء، منها قول بعض العرب:
عصاي أركزها لصلاتي وأعدها لعداتي وأسوق بها دابتي وأقوى بها على سفري وأعتمد عليها في مشيتي ليتسع خطوي، وأثب بها النهر وتؤمنني العثر وألقي عليها كسائي فتقيني الحر وتدفيني من القر وتدني إلى ما بعد مني، وهي تحمل سفرتي وعلاقة أدواتي، أعصي (١) بها عند الضراب وأقرع بها الأبواب وأقي بها عقور الكلاب، وتنوب عن الرمح في الطعان وعن السيف عند منازلة الأقران ورثتها عن أبي وأورثها بعدي بني. أهـ.