للسؤال، وفي الآية بيان وجه الحكمة في زيادة الهلال ونقصانه وأن ذلك لأجل بيان المواقيت التي يوقت الناس عباداتهم ومعاملاتهم بها كالصوم والفطر والحج ومدة الحمل والعدة والإجارات والأيمان وغير ذلك، ومثله قوله تعالى (ولتعلموا عدد السنين والحساب) وقيل هو جواب بغير ما سأل عنه تنبيهاً على أن الأولى لهم أن يسألوا عن هذا المجاب لا عن سبب الاختلاف، فهو من قبيل المغيبات التي لا غرض للمكلف في معرفتها ولا يليق أن تبين له.
والمواقيت جمع الميقات وهو الوقت والفرق بين الوقت وبين المدة والزمان أن المدة المطلقة امتداد حركة الفلك من مبدئها إلى منتهاها، والزمان مدة منقسمة إلى الماضي والحال والمستقبل، والوقت الزمان المفروض لأمر، وكل ما جاء في القرآن من السؤال أجيب عنه بقل بلا فاء إلا في طه (ويسئلونك عن الجبال فقل) لأن الجواب في الجميع كان بعد وقوع السؤال وفي طه كان قبله إذ تقديره إن سئلت عن الجبال فقل.
(للناس) أي لأغراضهم الدنيوية والدينية كما أشار لذلك بتعداد الأمثلة إذ الأهلة ليست مواقيت لذوات الناس (والحج) عطف على الناس أي يعلم بها وقته، فلو استمرت على حالة لم يعرف ذلك، قال سيبويه: بالفتح كالرد والشد وبالكسر كالذكر مصدران بمعنى وقيل بالفتح مصدر وبالكسر الاسم، وإنما أفرد سبحانه بالحج بالذكر لأنه مما يحتاج فيه إلى معرفة الوقت، ولا يجوز فيه النسء عن وقته ولعظم المشقة على من التبس عليه وقت مناسكه أو أخطأ وقتها أو وقت بعضها.
وقد جعل بعض علماء المعاني هذا الجواب أعني قوله قل هي مواقيت الخ من الأسلوب الحكيم كما تقدم وهو تلقي المخاطب بغير ما يترقب تنبيهاً على أنه الأولى بالقصد، ووجه ذلك أنهم سألوا عن أجرام الأهلة باعتبار زيادتها ونقصانها فأجيبوا بالحكمة التي كانت الزيادة والنقصان لأجلها لكون ذلك أولى بأن يقصده السائل وأحق بأن يتطلع لعلمه.