وقد اتفقت الأمة على وجوب الحج على من استطاع إليه سبيلاً، واستدل بهذه الآية على وجوب العمرة لأن الأمر بإتمامها أمر بها، وبذلك قال علي وابن عمر وابن عباس وعطاء وطاوس ومجاهد والحسن وابن سيرين والشعبي وسعيد ابن جبير ومسروق وعبد الله بن شداد والشافعي وأحمد وإسحق وأبو عبيد وابن الجهم من المالكية.
وقال مالك والنخعي وأصحاب الرأي كما حكاه ابن المنذر عنهم أنها سنة، وحكى عن أبي حنيفة أنه يقول بالوجوب.
ومن القائلين بأنها سنة ابن مسعود وجابر بن عبد الله.
ومن جملة ما استدل به الأولون ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أنه قال لأصحابه:" من كان معه هدي فليهل بحج وعمرة " وثبت عنه أيضاً في الصحيح أنه قال: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ".
وأخرج الدارقطني والحاكم من حديث زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت "(١).
واستدل الآخرون بما أخرجه الشافعي في الأم وعبد الرازق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي صالح الحنفي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الحج جهاد والعمرة تطوع ".
وأخرج ابن ماجة عن طلحة بن عبيد الله مرفوعاً مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وصححه عن جابر: أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العمرة أواجبة هي، قال: لا وأن تعتمروا خير لكم.
(١) قطعة من حديث طويل أورده مسلم/١٢١٨ ... دخلت العمرة في الحج -مرتين- لا بل لأبعد أبد ...