فقالت الحنفية: المحصر من يصير ممنوعاً من مكة بعد الإحرام بمرض أو عدو أو غيره، وقالت الشافعية وأهل المدينة: المراد بالآية حصر العدو.
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن المحصر بعدو يحل حيث أحصر، وينحر هديه إن كان ثم هدي ويحلق رأسه كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو وأصحابه في الحديبية.
(فما استيسر من الهدي) أي إن أحصرتم دون تمام الحج والعمرة فحللتم فالواجب أو فعليكم أو فانحروا أو فاهدوا ما تيسر، يقال يسر الأمر واستيسر كما يقال صعب واستصعب، وليس السين للطلب، والهدي والهدى لغتان وهما جمع هدية وهي ما يهدى إلى البيت من بدنة أو غيرها، ويقال في جمع الهدي أهداء.
واختلف أهل العلم في المراد بقوله (فما استيسر) فذهب الجمهور إلى أنه شاة، وقال ابن عمر وعائشة وابن الزبير: جمل أو بقرة، وقال الحسن: أعلى الهدي بدنة وأوسطه بقرة وأدناه شاة، وهذا الدم دم ترتيب وتعديل كما أشار له ابن المقرىء.
(ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله) هو خطاب لجميع الأمة من غير فرق بين محصر وغير محصر، وإليه ذهب جمع من أهل العلم، وذهبت طائفة إلى أنه خطاب للمحصرين خاصة أي لا تحلوا من الإحرام حتى تعلموا أن الهدي الذي بعثتموه إلى الحرام قد بلغ محله، وهو الوضع الذي يحل فيه ذبحه.
واختلفوا في تعيينه فقال مالك والشافعي: هو موضع الحصر اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث أحصر في عام الحديبية، وقال أبو حنيفة: هو الحرم لقوله تعالى (ثم محلها إلى البيت العتيق) وأجيب عن ذلك بأن المخاطب به هو الآمن الذي يمكنه الوصول إلى البيت، وأجاب الحنفية عن نحره - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية بأن طرف الحديبية الذي إلى أسفل مكة هو من الحرم، ورد بأن المكان الذي