(لفسدتا) أي لبطلتا يعني: السماوات والأرض بما فيهما من المخلوقات، وخرجتا عن نظامهما المشاهد وهلك من فيهما لوجود التمانع من الآلهة على العادة عند تعدد الحاكم من التمانع في الشيء وعدم الاتفاق عليه لأن كل أمر صدر عن الاثنين فأكثر لم يجر على النظام، ويدل العقل على ذلك، وذلك أنا لو قدرنا إلهين لكان أحدهما إذا انفرد صح منه تحريك الجسم واذا انفرد الثاني صح منه تسكينه فإذا اجتمعا وجب أن يبقيا على ما كانا عليه حال الانفراد، فعند الاجتماع يصح أن يحاول أحدهما التحريك، والآخر التسكين، فإما أن يحصل المراد وهو محال وإما أن يمتنعا وهو أيضاً محال لأنه يكون كل واحد منهما عاجزاً فثبت أن القول بوجود إلهين يوجب الفساد فكان القول به باطلاً، قاله الكرخي.
أقول الأدلة القرآنية والحجج الفرقانية الدالة على توحيد الله تعالى تغني عن البراهين الكلامية والمسائل العقلية الفلسفية في هذا المرام، وليس وراء بيان الله بيان ودونه خرط القتاد.
قال الرازي: القول بوجود إلهين يفضي إلى المحال ثم ذكر دلائل ذلك وهذه حجة تامة في مسألة التوحيد، والفساد لازم على كل التقديرات التي قدروها، وإذا وقفْتَ على هذه عرفت أن جميع ما في العالم العلوي والسفلي من المحدثات والمخلوقات فهو دليل على وحدانية الله تعالى.
وأما الدلائل السمعية على الوحدانية فكثيرة في القرآن وكل من طعن في دلالة التمانع فسر الآية بأن المراد لو كان في السماء والأرض آلهة يقول بإلهيتها عبدة الأصنام لزم فساد العالم، لأنها جمادات لا تقدر على تدبير العالم فلزم إفساد العالم، قالوا: وهذا أولى؛ لأنه تعالى حكى عنهم في قوله:(أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون) ثم ذكر الدلالة على فساد هذا فوجب أن يختص الدليل به.
قال علي القاري: وأما قول التفتازاني: الآية حجة إقناعية فالمحققون