تقديمه على ثانيهما، وقيل يصوم قبل يوم التروية يوماً ويوم التروية ويوم عرفة، وقيل ما بين أن يحرم بالحج إلى يوم عرفة، وقيل يصومهن من أول عشر ذي الحجة، وقيل ما دام بمكة، وقيل أنه يجوز أن يصوم الثلاث قبل أن يحرم.
وقد جوز بعض أهل العلم صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهدي، ومنعه آخرون وبه قال الشافعي.
(وسبعة إذا رجعتم) أي إلى الأوطان والأهل، قال أحمد وإسحق: يجزئه الصوم في الطريق ولا يتضيق عليه الوجوب إلا إذا وصل وطنه، وبه قال الشافعي وقتادة والربيع ومجاهد وعطاء وعكرمة والحسن وغيرهم، وقال مالك إذا رجع من منى فلا بأس أن يصوم والأول أرجح.
وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: " فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله "(١).
فبين - صلى الله عليه وسلم - أن الرجوع المذكور في الآية هو الرجوع إلى الأهل، وثبت أيضاً في الصحيح من حديث ابن عباس بلفظ:" وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم "، وقيل إذا فرغتم من أعمال الحج، وبه قال أبو حنيفة، والأول أولى، وفيه التفات عن الغيبة.
وإنما قال سبحانه (تلك عشرة كاملة) مع أن كل أحد يعلم أن الثلاثة والسبعة: عشرة لدفع أن يتوهم متوهم التخيير بين الثلاثة الأيام في الحج والسبعة إذا رجع، قاله الزجاج، وقال المبرد: ذكر ذلك ليدل على انقضاء العدد لئلا يتوهم متوهم أنه قد بقي منه شيء بعد ذكر السبعة، وقيل هو توكيد كما تقول كتبت بيدي، وقد كانت العرب تأتي بمثل هذه الفذلكة فيما دون هذا العدد.
وقوله (كاملة) توكيد آخر بعد الفذلكة لزيادة التوصية بصيامها وأن لا
(١) جزء من حديث رواه مسلم ١٢٢٧/عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.