وعلى هذا القول ينبغي أن ينظر في فائدة توقيت الحج بالأشهر المذكورة في الآية، وقد قيل أن النص عليها لزيادة فضلها، وقد روي القول بجواز الإحرام في جميع السنة عن إسحاق بن راهويه وإبراهيم النخعي والثوري والليث بن سعد، واحتج لهم بقوله تعالى (يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) فجعل الأهلة كلها مواقيت للحج، ولم يخص الثلاثة الأشهر، ويجاب بأن هذه الآية عامة وتلك خاصة والخاص مقدم على العام.
ومن جملة ما احتجوا به القياس للحج على العمرة فكما يجوز الإحرام للعمرة في جميع السنة كذلك يجوز للحج، ولا يخفى أن هذا القياس مصادم للنص القرآني فهو باطل.
والحق ما ذهب إليه الأولون إن كانت الأشهر المذكورة في قوله (الحج أشهر) مختصة بالثلاثة المذكورة بنص أو إجماع، فإن لم يكن كذلك فالأشهر، جمع شهر، وهو من جموع القلة يتردد ما بين الثلاثة إلى العشرة والثلاثة هي المتيقنة فيجب الوقوف عندها.
ومعنى معلومات أن الحق في السنة مرة واحدة في أشهر معلومات من شهورها ليس كالعمرة، أو المراد معلومات ببيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو معلومات عند المخاطبين لا يجوز التقدم عليها ولا التأخر عنها.
(فمن فرض) على نفسه (فيهن الحج) أي أوجبه عليها وألزمه إياها، وأصل الفرض في اللغة الحز والقطع، ومنه فرضة القوس والنهر والجبل، ففرضية الحج لازمة للعبد الحر كلزوم الحز للقوس، وقيل معنى فرض أبان وهو أيضاً يرجع إلى القطع لأن من قطع شيئاً فقد أبانه عن غيره.
وقال ابن مسعود: الفرض الإحرام، وقال ابن الزبير: الإهلال، وروي نحو ذلك عن جماعة من التابعين، والمعنى في الآية فمن ألزم نفسه وأوجب