غضب إذا أنف، وذلك أنه لما وعد قومه بالعذاب وكانوا يسكنون فلسطين وخرج عنهم، تابوا وكشف الله عنهم العذاب، فلما رجع وعلم أنهم لم يهلكوا أنف من ذلك وخرج عنهم.
(فظن أن لن نقدر عليه) بفتح النون وكسر الدال؛ واختلف في معنى الآية على هذه القراءة، فقيل: معناها أنه وقع في ظنه أن الله تعالى لا يقدر على معاقبته، وقد حكى هذا القول عن الحسن وسعيد بن جبير، وهو قول مردود؛ فإن هذا الظن بالله كفر؛ ومثل ذلك لا يقع من الأنبياء عليهم السلام.
وذهب جمهور العلماء إلى أن معناها فظن أن لن نضيق عليه كقوله:(يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) أي يضيق، ومنه قوله:(ومن قدر عليه رزقه)، يقال يقدر وقدر وقتر وقتر أي ضيق، وقيل هو من القدر الذي هو القضاء والحكم دون القدرة والاستطاعة أي فظن أن لن نقضي عليه العقوبة، قاله قتادة ومجاهد، واختاره الفراء والزجاج.
قال ثعلب: هو من القدير ليس من القدرة يقال منه قدر الله لك الخير يقدره قدراً؛ ويؤيده قراءة عمر بن عبد العزيز والزهري، نقَدَّر بضم النون وتشديد الدال من التقدير، وحكى هذا عن ابن عباس، ويؤيده قراءة قتادة والأعرج يُقَدّرَ مبنياً للمفعول من التقدير، وقرئ يُقَدّرَ مخففاً مبنياً للمفعول.
وقد اختلف العلماء في تأويل الحديث الصحيح في قول الرجل الذي لم يعمل خيراً قط لأهله أن يحرقوه إذا مات؛ ثم قال فوالله لئن قدر الله عليّ، الحديث (١) كما اختلفوا في تأويل هذه الآية والكلام في هذا يطول، وقد ذكرنا هاهنا ما لا يحتاج معه الناظر إلى غيره.