الكفر، ثم بين حاله بعد انقلابه على وجهه فقال:(خسر الدنيا والآخرة) أي ذهبا منه وفقدهما فلا حظّ له في الدنيا من الغنيمة والثناء الحسن وصون المال والدم ولا في الآخرة من الأجر وما أعده الله للصالحين من عباده وقرئ خاسر الدنيا على اسم الفاعل.
(ذلك هو الخسران المبين) أي الواضح الظاهر الذي لا خسران مثله. فإنه إذا لم ينضم إليه الأخروي أو بالعكس لم يتمحض خسراناً فلم يظهر كونه كذلك ظهوراً تاماً، فانحصر الخسران المبين فيه على ما دل عليه الإتيان بضمير الفصل. قاله الكرخي.
أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس في الآية قال: كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاماً وأنتجت خيله قال هذا دين صالح. وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال هذا دين سوء.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه بسند صحيح قال: كان ناس من الإعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون، فإذا رجعوا إلى بلادهم فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن، قالوا إن ديننا هذا لصالح فتمسكوا به، وإن وجدوا عام جدب وعام ولاد سوء وعام قحط، قالوا ما في ديننا هذا خير فأنزل الله هذه الآية.
وعن أبي سعيد قال: أسلم رجل من اليهود فذهب بصره وماله وولده. فتشاءم بالإسلام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقلني أقلني، قال:" إن الإسلام لا يقال "، فقال: لم أصب من ديني هذا خيراً، ذهب بصري ومالي ومات ولدي، فقال:" يا يهودي الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والذهب والفضة "، فنزلت هذه الآية. أخرجه ابن مردويه.