(والذين أشركوا) هم الذين يعبدون الأصنام؛ وقد مضى تحقيق هذا في البقرة، ولكنه سبحانه قدم هنالك النصارى على الصابئين وأخّرهم عنهم هنا، فقيل وجه التقديم هنالك أنهم أهل كتاب دون الصابئين، ووجه تقديمهم هنا أن زمنهم متقدم على زمن النصارى.
قال قتادة: الصابئون هم قوم يعبدون الملائكة ويصلّون للقبلة ويقرأون الزبور، والمجوس عبدة الشمس والقمر والنيران؛ والذين أشركوا عبدة الأوثان (إن الله يفصل) أي يقضي (بينهم يوم القيامة) فيُدخل المؤمنين منهم الجنة، والكافرين منهم النار، وقيل الفصل هو أن يُميز المُحق من المبطل بعلامة يعرف بها كل واحد منهما.
وقيل يفصل بينهم في الأحوال والأماكن جميعاً فلا يجازيهم جزاء واحداً بغير تفاوت، ولا يجمعهم في موطن واحد قال قتادة: الأديان ستة؛ فخمسة للشيطان وواحد للرحمن. وعن عكرمة قال: فصل قضاء بينهم فجعل الخمسة مشتركة وجعل هذه الأمة واحدة.
وعن ابن عباس قال:(والذين هادوا) اليهود والصابئون ليس لهم كتاب، والمجوس أصحاب الأصنام، والمشركون نصارى العرب (إن الله) تعليل لما قبلها وكأن قائلاً قال: أهذا الفصل عن علم أو لا؟ فقيل إن الله (على كل شيء) من أفعال خلقه وأقوالهم " شهيد " عالم علم مشاهدة لا يعزب عنه شيء منها، ومن قضيته الإحاطة بتفاصيل ما صدر عن كل فرد من أفراد الفرق المذكورة، والظاهر تعميم الكلام لعبدة الأوثان ولعباد الشمس والقمر والنجوم. قاله الكرخي.