الخاصة بالعقلاء، سواء جعلت كلمة (مَنْ) خاصة بالعقلاء أو عامة لهم ولغيرهم، ولهذا عطف.
(والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب) على (من) فإن ذلك يفيد أن السجود هو الانقياد لا الطاعة الخاصة بالعقلاء، وإنّما أفرد هذه الأمور بالذكر مع كونها داخلة تحت (من) على تقدير جعلها عامة لكون قيام السجود بها مستبعداً في العادة. وقوله:
(وكثير من الناس) مرتفع على الابتداء وخبره محذوف، تقديره وكثير من الناس يستحق الثواب، وإنما لم يرتفع بالعطف على (من) لأن سجود هؤلاء الكثير هو سجود الطاعة الخاصة بالعقلاء، والمراد بالسجود المتقدم هو الانقياد فلو ارتفع بالعطف لكان في ذلك جمع بين معنيين مختلفين في لفظ واحد، وأنت خبير بأنه لا ملجئ إلى هذا بعد حمل السجود على الانقياد، ولا شك أنه يصح أن يراد من سجود كثير من الناس هو انقيادهم، لا نفس السجود الخاص، فارتفاعه بالعطف لا بأس به، وإن أبي ذلك صاحب الكشاف ومتابعوه.
(وكثير) مرتفع بالابتداء وخبره (حق عليه العذاب) قاله الكسائي والفراء وقيل معطوف على كثير، الأول أي وكثير من الناس يسجد؛ وكثير منهم يأبى ذلك. وقيل المعنى وكثير من الناس في الجنة، وكثير حق عليه العذاب. هكذا حكاه ابن الأنباري.
(ومن يهن الله) أي من أهانه الله بأن جعله كافراً شقياً (فما له من مكرم) يكرمه فيصير سعيداً عزيزاً. وحكى الأخفش والكسائي والفراء أي من إكرام؛ فهو على هذا مكرم بفتح الراء اسم مصدر.
(إن الله يفعل ما يشاء) من الأشياء التي من جملتها ما تقدم ذكره من الشقاوة والسعادة والإكرام والإهانة، وظاهر هذه الآية والتي قبلها ينقض على المعتزلة قولهم لأنهم يقولون: شاء أشياء ولم يفعل وهو يقول يفعل ما يشاء