للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أهل العلم. ومعنى التسوية هو التسوية في تعظيم الكعبة وقضاء النسك فيه وفي فضل الصلاة فيه والطواف به. عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار " أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي (١).

قال القرطبي: وأجمع الناس على الاستواء في المسجد الحرام نفسه، واختلفوا في مكة فذهب مجاهد ومالك إلى أن دور مكة ومنازلها يستوي فيها المقيم والطارئ وذهب عمر بن الخطاب وابن عباس وجماعة إلى أن للقادم أن ينزل حيث وجد، وعلى رب المنزل أن يؤويه شاء أم أبي.

وذهب الجمهور إلى أن دور مكة ومنازلها ليست كالمسجد الحرام ولأهلها منع الطارئ من النزول فيها.

والحاصل أن الكلام في هذا راجع إلى أصلين: الأول ما في هذه الآية، هل المراد بالمسجد الحرام نفسه أو جميع الحرم أو مكة على الخصوص. والثاني هل كان فتح مكة صلحاً أو عنوة؟ وعلى فرض أن فتحها كان عنوة. وهل أقرها النبي صلى الله عليه وسلم في أيدي أهلها على الخصوص أو جعلها لمن نزل بها على العموم، وقد أوضح الشوكاني هذا في شرحه على المنتقي بما لا يحتاج الناظر فيه إلى زيادة. ثم قال فيه بعد ذكر حجج الفريقين.

ومن أوضح الأدلة على أنها فتحت عنوة قوله صلى الله عليه وسلم، " وإنما أحلَّت لي ساعة من نهار " (٢)، فإن هذا تصريح بأنها أحلت له في ذلك بسفك الدماء بها وأن حرمتها ذهبت فيه وعادت بعده، ولو كانت مفتوحة صلحاً لما كان لذلك معنى، وقد ذكر المقبلي في الاتحاف أدلة قوية على أن المراد به نفس المسجد. وعن ابن عباس: المسجد الحرام الحرم كله خلق الله فيه سواء. وعن سعيد بن جبير مثله. وأيضاً قال: هم في منازل مكة سواء


(١) النسائي كتاب الحج باب ٤٢.
(٢) البخاري كتاب العلم باب ٣٧. ٣٩ - أبو داوود كتاب المناسك باب ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>