للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زيد بن أسلم قال: مكة، لم يجعل الله لأمة قط منسكاً غيرها، والأول أولى لقوله:

(ليذكروا اسم الله) والمعنى جعلنا لكل أهل دين من الأديان أو لجماعة مسلمة سلفت قبلكم ذبحاً يذبحونه ودماً يريقونه أو متعبداً أو طاعة أو عيداً أو حجاً يحجونه ليذكروا اسم الله وحده ويجعلوا نسكهم خاصاً به (على) ذبح (ما رزقهم من بهيمة الأنعام) سماها بهيمة لأنها لا تتكلم، وقيد بالأنعام لأن القربان لا يكون إلا من الأنعام دون غيرها وإن أجاز أكله، وفي القاموس البهيمة كل ذات أربع قوائم ولو في الماء، أو كل حي لا يميز، والجمع بهائم، والأبهم الأعجم، واستبهم استعجم فلم يقدر على الكلام.

وفي الآية دليل على أن المقصود من الذبح المذكور هو ذكر اسم الله عليه، وقد وردت أحاديث في الأضحية ليس هذا موضع ذكرها. ثم أخبرهم سبحانه بتفرده بالإلهية وأنه لا شريك له فقال:

(فإلهكم إله واحد) الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، ثم أمرهم بالإسلام والانقياد لطاعته وعبادته فقال: (فله أسلموا) أي انقادوا وأخلصوا وأطيعوا وتقديم الظرف على الفعل للقصر، والفاء كالفاء التي قبلها.

(وبشر المخبتين) من عباده، أي المتواضعين الخاشعين المخلصين. وقال مجاهد: أي المطمئنين، وقال عمرو بن أوس: هم الذين لا يظلمون الناس، وإذا ظلموا لم ينتصروا، وهو مأخوذ من الخبت وهو المنخفض من الأرض، والمعنى بشّرهم يا محمد بما أعد الله لهم من جزيل ثوابه وجليل عطائه، ولا يخفى حسن التعبير بالمخبتين هنا من حيث إن نزول الخبت مناسب للحجاج لما فيهم من صفات المتواضعين، كالتجرد عن اللباس وكشف الرأس والغربة عن الأوطان، ولذا وصف سبحانه هؤلاء المخبتين بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>