البئر كان بعدن من اليمن في بلد الحضر، وأصحاب القصر الحضر وأصحاب البئر ملوك البدو.
وحكى الثعلبي وغيره أيضاً أن البئر كان بعدن من اليمن في بلد يقال له حضور أنزل بها أربعة آلاف ممن آمن بصالح ونجوا من العذاب ومعهم صالح، فمات صالح فسمّي المكان حضرموت، لأن صالحاً لما حضره مات فبنوا حضوراً؛ وقعدوا على هذه البئر وامّروا عليهم رجلاً منهم، فأقاموا دهراً وتناسلوا حتى كثروا وعبدوا الأصنام وكفروا، فأرسل الله إليهم نبياً يقال له حنظلة بن صفوان وكان حمالاً فيهم فقتلوه في السوق، فأهلكهم الله وعطلت بئرهم وخربت قصورهم ثم ذكر قصة طويلة.
وقال بعد ذلك: وأما القصر المشيد فقصر بناه شداد بن عاد بن إرم لم يبن في الأرض مثله فيما ذكروا وزعموا، وحاله أيضاً كحال هذه البئر المذكورة في إيحاشه بعد الإنس وإقفاره بعد العمران وأن أحداً لا يستطيع أن يدنو منه على أميال لما يسمع فيه من عزيف الجن والأصوات المنكرة بعد النعيم والعيش الرغد وبهاء الملك وانتظام الأهل كالسلك، فبادوا وما عادوا، فذكرهم الله سبحانه في هذه الآية موعظة وعبرة.
قال: وقيل إنهم الذين أهلكهم بختنصر على ما تقدم في سورة الأنبياء في قوله: (وكم قصمنا من قرية)، فتعطلت بئرهم وخرت قصورهم. إهـ.
وقال النسفي: والأظهر أن البئر والقصر على العموم. ثم أنكر الله سبحانه على أهل مكة عدم اعتبارهم بهذه الآثار قائلاً: