للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وعسى أن تكرهوا شيئاً) قيل عسى هنا بمعنى (قد) روي ذلك عن الأصم، وقال أبو عبيدة: عسى من الله إيجاب، والمعنى عسى أن تكرهوا الجهاد طبعاً لما فيه من المشقة، وأما شرعاً فهو محبوب وواجب ولا يلزم منه ما قاله السعد التفتازاني كراهة حكم الله ومحبة خلافه، وهو ينافي كمال التصديق، لأن معناه كراهة النفس ذلك الفعل ومشقته مع كمال الرضا بالحكم والإذعان له.

(وهو خير لكم) فربما تغلبون وتظفرون وتغنمون وتؤجرون، ومن مات شهيداً والواو للحال أو صفة لشيء، وعليه جرى أبو البقاء هنا والزمخشري في قوله (ولها كتاب معلوم) وهو رأي ابن حيزان، وسائر النحويين يخالفونه.

(وعسى أن تحبوا شيئاً) أي الدعة وترك القتال (وهو شر لكم) فربما يتقوى عليكم العدو فيغلبكم ويقصدكم إلى عقر دياركم فيحل بكم أشد مما تخافونه من الجهاد الذي كرهتم مع ما يفوتكم في ذلك من الفوائد العاجلة والآجلة.

(والله يعلم) ما فيه صلاحكم وفلاحكم وما هو خير لكم وما في الجهاد من الغنيمة والأجر والخير فلذلك يأمركم به (وأنتم لا تعلمون) ذلك ولذلك تكرهونه، قيل أنها محكمة ناسخة للعفو عن المشركين، وقيل منسوخة لأن فيها وجوب الجهاد على الكافة والناسخ قوله تعالى (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) وقيل إنها ناسخة من وجه ومنسوخة من وجه، فالناسخ منها إيجاب الجهاد مع المشركين بعد المنع منه، والمنسوخ إيجاب الجهاد على الكافة.

وقد ورد في فضل الجهاد ووجوبه أحاديث كثيرة لا يتسع المقام لبسطها.

<<  <  ج: ص:  >  >>