للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ردهم عن دينهم الذي هو الغاية لما يريدونه من المقاتلة للمؤمنين فقال (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم) الردة الرجوع عن الإسلام إلى الكفر، والتقييد بالكفر يفيد أن عمل من ارتد إنما يبطل إذا مات على الكفر، وأما إذا أسلم بعد الردة لم يثبت عليه شيء من أحكام الردة، وفيه دليل للشافعي أن الردة لا تحبط الأعمال حتى يموت على ردته.

وعند أبي حنيفة أن الردة تحبط العمل وإن أسلم، وحبط معناه بطل وفسد، ومنه الحبط وهو فساد يلحق المواشي في بطونها من كثرة أكلها للكلأ فتنتفخ أجوافها، وربما تموت من ذلك، وفي هذه الآية تهديد للمسلمين ليثبتوا على دين الإسلام.

(في الدنيا والآخرة) أي لا يبقى له حكم المسلمين في الدنيا فلا يأخذ شيئاً مما يستحقه المسلمون من الميراث وغيره، ولا يظفر بحظ من حظوظ الإسلام، ولا ينال شيئاً من ثواب الآخرة الذي يوجبه الإسلام ويستحقه أهله.

وقد اختلف أهل العلم في الردة هل تحبط العمل بمجردها أم لا تحبط إلا بالموت على الكفر، والواجب حمل ما أطلقته الآيات في غير هذا الموضع على ما في هذه الآية من التقييد.

(وأولئك أصحاب النار) يعني الذين ماتوا على الردة والكفر (هم فيها خالدون) أي لا يخرجون منها أبداً وقد تقدم الكلام في معنى الخلود.

<<  <  ج: ص:  >  >>