للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصل الضلال الغيبوبة والهلاك ومنه ضل اللبن في الماء أي غاب وقال القرطبي هو في لسان العرب الذهاب عن سنن القصد وطريق الحق، أخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن حبان وصححه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن المغضوب عليهم هم اليهود (١)، وإن الضالين النصارى " ورواه أبو الشيخ عن عبد الله شقيق مرفوعاً، وابن مردويه عن أبي ذر مثله، وبه قال ربيع ابن أنس ومجاهد وابن جبير، وإنما سموا بها الاختصاص كل منهما بما غلب عليه، وقيل أراد المغضوب عليهم بالبدعة، والضالين عن السنة قاله القرطبي، وقيل اللفظ يعم الكفار والعصاة والمبتدعة لقول الله تعالى: في القاتل عمداً (وغضب الله عليه) وقال: (فماذا بعد الحق إلاّ الضلال) وقال: (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا) وقيل غير ذلك.

وأنت خبير بأن جعل الموصول عبارة عما ذكر من طائفة غير معينة مخل ببدلية ما أضيف إليه مما قبله، فالمصير إلى التفسير النبوي متعين وهو الذي أطبق عليه أئمة التفسير من السلف، قال ابن أبي حاتم لا أعلم خلافاً بين المفسرين في هذا التفسير، ويشهد له آيات من القرآن كما تقدم.

قال القرطبي: سورة الفاتحة مشتملة على أربعة أنواع من العلوم هي مناط الدين أحدها علم الأصول وإليه الإشارة بقوله (الحمد لله إلى الرحيم) ومعرفة النبوات وهي قوله (أنعمت عليهم) ومعرفة المعاد هي قوله (مالك يوم الدين) وثانيها علم الفروع وأعظمه العبادات وهي (إياك نعبد) والعبادة مالية وبدنية وثالثها علم الأخلاق وهو قوله (إياك نستعين إلى المستقيم) ورابعها علم القصص والأخبار عن الأمم السالفة السعداء منهم والأشقياء وهو المراد بقوله (أنعمت عليهم) إلى آخر السورة انتهى ملخصاً.

وللإمامين الغزالي والرازي في تقرير اشتمالها على علوم القرآن بسط كثير حتى استخرج الرازي منها عشرة آلاف مسألة، وأول السورة مشتمل على


(١) يراجع تفسير القرطبي فقد أورد معاني كثيرة حول هذه الآية. ١/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>